خصص الصحفي المغربي الشهير رشيد نيني عموده " شوف تشوف " ليوم الجمعة 15 فبراير 2013 للحديث عن كرة القدم الوطنية ، حيث تم التركيز على عبارة وزير الشباب والرياضة أوزين والذي صرح أننا لا نملك تاريخا كرويا كبيرا وأن المنتخب المغربي لم يحقق إنجازات كبيرة تاريخية الشيء الذي اعتبره رشيد نيني اساءة للأبطال السابقين وتقزيما لتضحياتهم ، وخصص مقاله للتذكير بكل من العربي بنمبارك وآقصبي مرورا بعبد الله "ملاغا" وفرس ثم التيمومي والضولمي وصولا لجيل 2004 مع الزاكي ، مقال رشيد نيني يبرز عدة ملاحظات سواء حول كلام الوزير أو رد مدير جريد الأخبار.أولا لابد من إستحضار السياق التاريخي لتحليل أي حدث ، فكلام الوزير هو نوع من الهروب للأمام ، أنت في منصب مسؤول ينتظر منه الشيء الكثير وليس لتذكرنا باخفاقاتنا فنحن تجرعنا مرارتها ونتذكرها بالتفاصيل المملة ، فالمسؤول في مكان للبحث عن الحل وابراز ما أنجز لحد الآن وليس ليعدد نكساتنا الكروية فالأمر أشبه بتضميد الجرح بالملح ، حتى لو لم نكن أمة كروية فدولة بحجم ووزن المغرب تستحق إنجازات أكبر في هذه القارة وليس العودة بخفي حنين مع كل محك رسمي .وبخصوص رشيد نيني فأعتقد أنه لم يختر جيدا " زاوية الهجوم " فقد ذكرنا بانجازات حفظناها عن ظهر قلب ، فما إن يتلقى المنتخب هزيمة جديدة حتى نرجع لأرشيف الأنترنت لنكتب : " فرس ، التيمومي ، بودربالة ، حجي وبصير 1998 ، المغرب ـ البرتغال 1986 ، منتخب الزاكي 2004 ، مقصية حجي ، شبان 2005 ... " لنطالع نفس الوجوه ونفس الصور لرجال تحدوا عقدة الأجنبي وقدموا الكثير للقميص الوطني ، ومع كثرة العودة للأرشيف للإستفادة من بعض الجرعات المعنوية ، فقد تم استنزافه بسبب كثرة اللجوء إليه كمصدر لتخفيض حرقة إخفاق اليوم ، فبعد كل كبوة نعود لنفس اللقطات ومع تقدمنا في السن نجد أننا مازلنا نتزود بالطاقة من المشاهد نفسها ، لنسمع صوتا يهمس لك " كفى "فعلا! هل سنعيش على الماضي للأبد؟ هل هذا ما يستحقه الجمهور المغربي ؟ هل هذه نقطة النهاية ؟ أكيد "لا" . يجب أن ننظر للأمام. فنحن نصفق لأبطال الأمس بكل حرارة ونشكرهم لكن هذا الجيل يستحق فرحة متجددة وليس حكايات الماضي ، غير ذلك فلنعتزل لعب كرة القدم ، ومع اقتراب كل مسابقة لتتفضل قنواتنا باعادة مباريات زمان على الأقل سنعرف النتيجة وسنحافظ على أعصابنا.ما نحتاجه حقا هو سياسة رياضية واضحة المعالم مع ربط المسؤولية بالمحاسبة وليس انتظار الصدف ، فكرة القدم اليوم علم وصناعة ، والتاريخ هو لإستخلاص الدروس والتقدم للأمام بتفادي هفوات الأمس ، وليس مصدرا لنسيان الواقع فقط، واقعنا الكروي يشير إلى أننا نغرق ، ويشير إلى أن من يسيرون الشأن الكروي قد فشلوا في مهمتهم ، وليس هناك إخفاق جديد لحصده فإذا كانت للمنتخبات دوريات كالفرق ، فمنتخبنا كان سيلعب رفقة الهواة ، فالرتبة 74 عالميا تبرز الحجم الحقيقي لمنتخبنا. هذا المقال ليس دفاعا عن نيني أو الوزير ، بل هو فقط لتوضيح بعض الملاحظات فنحن لسنا بحاجة لا لمن يذكرنا باخفاقاتنا حتى نفقد الأمل ونقول هذا هو مصيرنا ولا لمن يعدد انجازاتنا حتى نصعد لبرج عاجي ونقول نحن سادة الكرة في افريقيا فكل شيء محفوظ في ذاكرتنا ، ما نرغب في معرفته هو كيف سنتجاوز هذه الأزمة؟ وماهي التدابير التي من شأنها انقاذ ماء وجه كرة القدم المغربية وقيمة القميص الوطني ؟ وكيف نستفيد من أبطال الأمس ؟ فبدل حصر دورهم في حفلات التكريم وأنشطة الجمعيات والبكاء على الأطلال يفترض الإستفادة من خبرتهم ومنحهم الضوء الأخضر للإقتراح والتسيير.هناك من سيقول " شكون نتا باش تزعم على نيني ؟ " ولكن سنرد بأن الصحفي الشهير وضع مقاله في خانة مواضيع الرأي وبما أن الرأي حر فهذا رأينا وهذه ملاحظاتنا ، وهنا أتذكر مقولة عمر بن عبد العزيز عندما قال :" إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل أنت فيهما ". فالوقت هو أثمن ما يملكه الإنسان وليس دورنا هو البكاء على الماضي أو الجلوس للإفتخار بذكريات الزمن الجميل فالطموح لايجب أن يتوقف لأن إفريقيا تتحرك من حولنا.